Wednesday, 23 November 2011

محاربة العفــــــــــة

محاربة العفة

رغم تفوق ومرونة الإسلام الخارقة للزمان والمكان وعلى كافة المتغيرات باعتبار أنه الدين الذي ارتضاه الله تعالى للبشر وباعتبار الأدلة القطعية على مدار التاريخ المؤكدة لذلك ، إلا أن المجتمعات العربية تواجه بطء التغيير الذي أثقل مناح كثيرة في الحياة اليومية التي تخص وتهم الفرد كما المجتمع ، وعلى الكفة الأخرى يشهد العالم منذ عقود تسارعا كبيرا في حجم متغيرات قيم الذوق والتوجهات الثقافية والفكرية ممتطيا منجزات ثورة المعلومات والاتصالات والإعلام وحتى الربيع العربي.

قد لا تنحصر هذه المتغيرات تحت عنوان محدد ولا تندرج في إطار نقبله أو لا نقبله فهي تلونت وارتوت من مشارب متعددة وجذور تبدأ من الحرية والفردية ولا تنتهي عند العقلانية والعلمانية وقشور من ثقافات دينية وقد لا تعبر عن المشترك فيما بيننا وبين هذا العالم المترامي المزدحم الذي أصبح بيتا صغيرا من زجاج ، ولكنها تغزونا بشكل مشاهد وتؤثر في سلوك وأذواق وحتى لغة شرائح وأجيال مختلفة من المجتمع ويتسبب تبنيها في طمس هويتنا وذاتنا شيئا فشيئا ، مما يولد ردود أفعال غير متزنة أو مبالغ فيها لعدم القدرة على التعامل مع الكمية الهائلة من الأفكار والمفاهيم والأنماط السلوكية الغريبة والجديدة المتشكلة أو الآخذة في التشكل.

رغم ذلك فلا نرى هذا الخطر يحظى بالاهتمام من النخبة من مفكرين وأدباء وعلماء وهم المسئولون عن ملاحظة وحتى توقع مانراه يومنا هذا الذي نرى فيه على كفة كثير من مايعد منكرا على الأقل في العرف الاجتماعي وقد أصبح مباحا ويمارس دون استتار أو تواري ، وعلى الكفة الثانية انعدام وشلل تام وعجز كلي عن أي تفاعل أو تطور في العادات أو القيم الاجتماعية أو الخطاب الاجتماعي والنقاش أو أنماط الممارسات للسلوك الاجتماعي للتأثير في دفع عجلة المواكبة والتكيف والملائمة حسب الأوضاع والأحوال الجديدة من متغيرات أصابت كل أطراف المحيط والبيئة.

بكل تأكيد أن الحلول الفردية المبنية على المبادرات الشخصية تبقى ذات أثر محدود وإطار ضيق وأنجح الحلول وأبلغها أثرا هي الحلول المبنية على الدراسات والأبحاث المنهجية ولعل ذلك يقود على الاستثمار من القطاع العام والخاص لإنشاء المؤسسات المتخصصة في الدراسات والأبحاث التي ستُثمر تطورا اجتماعيا يروج لقيم العروبة وعاداتها وأصالتها وكذلك لتعاليم الإسلام أولا.

من الأمثلة التي تذهلني في كثير من الأحيان وتبين مدى التناقض في قيم المجتمع هو ما اختاره ورضيه المجتمع للفتاة من العمل خارج البيت في مجتمع أعمال مختلط أو نصف مختلط أو قليل الاختلاط وعلى الكفة الأخرى قام بتدعيم القواعد للانتصار للعزوبية والعذرية وصادر حقها في طلب النكاح والعفة ، فرغم تعرضها للكثير من المواجهات والالتقاء بالكثير من الفتيان في إطار حياتها اليومية إلا أن فرصها تناقصت في تبدأ حياة أسرية سعيدة متناسبة الاحتياجات للطرفين الفتى والفتاة ، وكذلك الفتى قام المجتمع بمحاصرته بقيم لم توجد في سابق الزمان وأوجدها المجتمع لخنق الفتى والفتاة دونما قصد لغرض عدم التحول من المألوف لغير المألوف.

لا يزال الحوار أبوابه مغلقة بين الأجيال ومع قبولنا بواقع حياة مختلف توجد فيه نسبة من الاختلاط تفوق الزمن الماضي إلا أننا لم نطور أدوات للعفة والحشمة تناسب الواقع الحالي بكل أوجهه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. 

No comments: